كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 3)

ولأن التي تسافر معه يلحقها من مشقة السفر بإزاء ما يحصل لها من السكن، ولا يحصل لها من السكن مثل ما يحصل في الحضر. فلو قضى للحاضرات لكان قد مال على المسافرة.
وأما كونه يلزمه القضاء للأخرى إذا كان بغير قرعة؛ فلأنه خص بعضهن بمدة على وجهٍ تلحقه التهمة فيه. فيلزمه القضاء؛ كما لو كان حاضراً.
فإن قيل: قد تقدم أنه لو قضى للحاضرة لأدى إلى الميل؛ لأن المسافرة لا يحصل لها من السكن مثل ما يحصل للحاضرة.
قيل: هو كذلك؛ إلا أنه لا يمكن إسقاط القضاء بالكلية لما فيه أيضاً من الميل. ومن أن ذلك يصير وسيلة إلى المسافرة بمن يريد. وإذا تعارض القضاء وعدمه وجب القضاء لكن على مثل ما أقام مع المسافرة؛ لأنه أقرب القولين إلى عدم الميل.
فعلى هذا لا يلزمه قضاء مدة السير لأنها لم يحصل لها من ذلك إلا التعب والمشقة.
ولأنه لو جعل للحاضرة في مقابلته مبيتاً عندها واستمتاعاً بها لمال كل الميل.
قال: (وإن امتنعت من السفر معه، أو من المبيت عنده، أو سافرت بغير إذنه: سقط حقها من القسم. وإن أشخصها هو فهي على حقها من ذلك. وإن سافرت لحاجتها بإذنه فعلى وجهين).
أما كون حق الزوجة من القسم يسقط إذا امتنعت مما ذكر أو سافرت بغير إذنه؛ فلأن القسم للأُنس وقد تعذر بسببٍ من جهتها. فيسقط؛ كما لو تعذر ذلك قبل دخوله بها.
وأما كونها على حقها من ذلك إذا أشخصها هو؛ فلأنه ما فات بسبب من جهتها وإنما فات بتفويته. فلم يسقط حقها؛ كما لو أتلف المشتري المبيع فإنه لا يسقط حق البائع بتسليم ثمنه إليه.
فإن قيل: ما معنى أشخصها؟
قيل: أن يبعثها لحاجة أو يأمرها بالنقلة من بلدها. ذكره المصنف رحمه الله تعالى في المغني.

الصفحة 734