كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 3)

وأما كون حقها يسقط إذا سافرت لحاجتها بإذن الزوج على وجهٍ؛ فلأن الاستيفاء تعذر بسبب من جهتها. أشبه ما لو سافرت بغير إذنه.
وأما كونه لا يسقط على وجهٍ؛ فلأن سفرها بإذنه. أشبه ما لو سافرت معه.
فإن قيل: ما المراد بسفرها لحاجتها؟
قيل: أن تسافر لتجارة لها أو زيارة أو حج تطوع أو عمرة أو نحو ذلك.
فإن قيل: ما الصحيح من الوجهين المذكورين؟
قيل: ظاهر كلام صاحب المغني فيه ترجيح السقوط؛ لأنه علله بنحو ما تقدم. وفرّق بين سفرها لحاجته بإذنه وبين سفرها معه بأن القسم لم يتعذر بسفرها معه. بخلاف سفرها بإذنه.
قال: (وللمرأة أن تهب حقها من القَسْم لبعض ضرائرها بإذنه وله فيجعله لمن شاء منهن. فمتى رجعت في الهبة عاد حقها).
أما كون المرأة لها أن تهب حقها لبعض ضرائرها بإذن الزوج؛ فـ «لأن سَوْدة وهبت يومها لعائشة. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة» (¬1).
وعن عائشة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على صفية في شيء. فقالت صفية لعائشة: هل لك أن تُرضي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك يومي؟ قالت: فقعدت إلى جنب رسول الله. قال: إليك يا عائشة! إنه ليس يومك. قلت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وأخبرته بالأمر. فرضي عنها» (¬2) رواه ابن ماجة.
واشترط المصنف رحمه الله تعالى في الهبة المذكورة إذن الزوج؛ لأن حقه على الواهبة فلا ينتقل إلى غيرها إلا برضاه.
وأما كونها لها أن تهب ذلك للزوج؛ فلأن الحق لها فلمن نقلته انتقل إليه.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه (4914) 5: 1999 كتاب النكاح، باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها وكيف يقسم ذلك.
وأخرجه مسلم في صحيحه (1463) 2: 1085 كتاب الرضاع، باب جواز هبتها نوبتها لضرتها.
(¬2) أخرجه ابن ماجة في سننه (1973) 1: 634 كتاب النكاح، باب المرأة تهب يومها لصاحبتها.

الصفحة 735