كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 3)

كتاب الخلع
سمي الخلع خلعاً لأن المرأة تنخلع من لباس زوجها. قال الله تعالى: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} [البقرة: 187].
قال المصنف رحمه الله تعالى: (وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتخشى أن لا تقيم حدود الله في حقه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه. وإن خالعته لغير ذلك كره ووقع الخلع. وعنه: لا يجوز).
أما كون المرأة لا بأس أن تفتدي نفسها من الرجل إذا كانت مبغضة له وتخشى أن لا تقيم حدود الله؛ فلأن الله قال: {فإن خفتم أن لا يُقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229].
وروي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس. فقال: ما شأنك؟ قالت: لا أنا ولا ثابت -لزوجها-. فلما جاء ثابت قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه حبيبة بنت سهل ذكرت ما شاء الله أن تذكر. وقالت حبيبة: كلما أعطاني عندي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: خذ منها. فأخذ منها وجلست في أهلها» (¬1) حديث صحيح.
وفي روايةٍ للبخاري قال: «جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! ما أنقِمُ على ثابت بن قيس في دين ولا خُلُق إلا أني أخافُ الكفر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أترُدين عليه حديقتَه؟ قالت: نعم. فردّت عليه. وأمرهُ ففارقَها» (¬2).
وأما كون الخلع لغير ذلك يكره؛ فلأن تركه ترجح على فعله وفعله يجوز: أما الأول؛ فلأنه مختلف في جوازه، وأما الثاني؛ فلأن الله تعالى قال: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئًا} [النساء: 4].
وأما كونه يقع؛ فلأنه يجوز فعله. أشبه الذي قبله.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه (5276) 9: 307 كتاب الطلاق، باب الخلع.
(¬2) أخرجه البخاري في صحيحه (4973) 5: 2022 كتاب الطلاق، باب الخلع وكيف الطلاق فيه.

الصفحة 745