كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 3)

فليس بصريح منه اتفاقاً وإنما هو كناية، والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنية أو بدلها ولم توجد في واحد منهما.
فإن قيل: إذا لم ينو في الخلع الذي فيه عوض لم توجد النية ولا بدلها.
قيل: بلى؛ لأن العوض قائم مقام النية.
قال: (ولا يستحب أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها. فإن فعل كره وصح. وقال أبو بكر: لا يجوز وترد الزيادة).
أما كون المخالع لا يستحب له أن يأخذ من امرأته أكثر مما أعطاها؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ثابت بن قيس أن يأخذَ من زوجته حديقتهُ ولا يزداد» (¬1) رواه ابن ماجة.
وأدنى أحوال ذلك عدم الاستحباب.
وأما كونه إذا فعل ذلك يكره؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم كرهَ أن يأخذَ من المختلعةِ أكثرَ مما أعطاها» (¬2). رواه أبو حفص بإسناده.
وكان في قول المصنف: ويكره أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها: غنية عن قوله: ولا يستحب أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها وعن قوله: كره؛ لأنه لا يلزم من الكراهة عدم الاستحباب.
وأما كونه يصح على المذهب؛ فلأن الله تعالى قال: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229].
وعن الرُّبَيِّع بنت معوذ أنها قالت: «اختلعتُ من زوجي بما دونَ عقاص رأسي. فأجاز ذلك علي وعثمان رضي الله عنهما» (¬3).
ويروى عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما أنهما قالا: «لو اختلعت امرأة من زوجها بميراثها وعقاص رأسها لكان ذلك جائزًا» (¬4).
¬__________
(¬1) أخرجه ابن ماجة في سننه (2056) 1: 663 كتاب الطلاق، باب المختلعة تأخذ ما أعطاها.
(¬2) أخرجه الدارقطني في سننه 3: 255 كتاب النكاح، باب المهر.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7: 314 كتاب الخلع والطلاق، باب الوجه الذي تحل به الفدية.
(¬3) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (11850) 6: 504 كتاب الطلاق، باب المفتدية بزيادة على صداقها.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7: 315 كتاب الخلع والطلاق، باب الوجه الذي تحل به الفدية.
(¬4) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (11853) 6: 505 الموضع السابق. وأخرجه البيهقي في الموضع السابق.

الصفحة 755