كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 3)

وكنتُ آمْرَأً فى الوَعْثِ (¬1) مِنّى فُروطَةٌ ... وكلُّ ريُود (¬2) حالِقٍ أنا واثِبُ
يقول: إذا كنتُ فى الوعث افترطتُه فمررت مَرا سريعا، وإذا أتيتُ حالِقا له رُيُود وَثَبْتُه. والحالِق: المُشرِف من الجبال. فُروطَةٌ: تَقَدُّمٌ.
فما زِلتُ فى خَوْفٍ لَدُنْ أن رأيتُهمْ ... وفى وابلٍ حتى نَهَتْنى المَناقِبُ
قوله: لَدُن أنْ رأيتهمْ، قال: رأَى قوما يطلبونه، فهَرَب منهم، وكان فى مِثلِ الوابِل من شِدّةِ عَدْوِه. وقوله: حتّى نَهَتْنى المنَاقب، قال: هي ثَنايَا ذات عِرْق، وكلّ طريقٍ فى جَبلٍ أو غَلْظ فهو مَنقَب.
فواللهِ لا أَغْزُو ومُزَيْنةَ بعدَها ... بأرضٍ ولا يَغْزُوهمُ لىَ صاحِبُ
أَشُقّ جِوارَ (¬3) البِيدِ والوَعْثِ مُعْرِضا ... كأنّى لما قد أَيْبَس الصَّيْفُ حاطِبُ
جِوار البِيد: ما جاوَرَ، وهو الجِوار، ولا واحد له. قوله: معرِضا يقول: لا أبالى ما وَطِئْتُ، أَكْسِر لا أُبالى، كأنّي حاطِب لِما أَيْبَس القَيْظ من الحَطَب.
غَيالٌ وأَنْشامٌ وما كان مَقْفِلى ... ولكنْ حَمَى ذاكَ الطَّريقَ المَراقِبُ (¬4)
غَيال: شجر. وأَنْشام: جمعُ نَشَم، وهو ضربٌ آخرُ من الشَّجَر. والمَرْقَبة: موضعُ المَخافة. ومَرْقَبة: جمعُه لَمراقِب.
¬__________
(¬1) فى كتب اللغة أن الوعث هو الرمل الذى تسوخ فيه الرجل.
(¬2) الريود: جمع ريد، وحرف يندر من الجبل. (اللسان).
(¬3) في السكرى: "جواز" مكان "جوار" وفسره فقال: جواز، أراد جوز. وجوز كل شيء وسطه.
(¬4) ورد هذا البيت فى السكرى هكذا:
غيارا واشماسا وما كان مقفلى ... ولكن حمى ذل الطريق المراهب
وشرحه فقال: غيار: يأتى الغور. وإشماس: يصعد فى الجبل يستقبل الشمس. وروى فيه أيضا: "غيال وإشآم" بكسر الغين، وشرح هذه الرواية فقال: غيال: آجام. وإشآم: يأتى الشأم. وذل الطريق: سهلها. والمراهب: المخافات (اهـ ملخصا).

الصفحة 10