كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 3)

وقالت جَنوبُ أيضا تَرْثيه
كلُّ امرئٍ بطواِل العَيْشِ مكذوبُ (¬1) ... وكلُّ مَن غَالبَ الأيّامَ مَغلوبُ
طوال العيش: طُوله، أي تقول له نفسه: طال عُمُرك.
وكّل حىٍّ وإن طالت سلامتهمْ ... يومًا طرِيقُهم في الشّرّ دُعْبوبُ
الدُّعبوب: الطريق الموطوء، أي سَيركَبون طِريقا في الشرّ.
وكلُّ مَن غَالبَ الأيّامَ مِن رَجُلٍ ... مُودٍ وتابِعُه الشُبّان والشِّيبُ (¬2)
بينَا الفَتَى ناعِمٌ راضٍ بعيشتِه ... سِيقَ له من دَواهِى الدَّهر شُؤْبوب
ويُروَى: نَوازِى (¬3). والشُّؤْبوَب: الدَّفْعة من المَطَر.
¬__________
(¬1) شرح السكرى هذا البيت فقال: أي يكذب (للمجهول) أي تكذبه نفسه بالأماني، تقول له: يطول عمرك. اهـ.
(¬2) رواية السكرى:
وكل من حج بيت الله من رجل ... مود فمدركه الشبان والشيب
قال: ويروى "وتابعه" مكان "فمدركه" والهاء للرجل. وقوله "من رجل" يريد من رجال، أي أنهم جميعا يهلكون ويموتون. (أهـ ملخصا).
(¬3) في رواية: "نوادى الدهر" وفي رواية: "نوازى الأرض" وفسر السكرى الرواية الأولى فقال: نوادى الدهر: أوائله، وكذلك نوادى كل شيء. وفسر الرواية الثانية فقال: نوازى الأرض: نازية نزت من شر، وأورد بيتا آخر بعد هذا البيت لم يرد في الأصل، وهو:
يلوى به كل عام لية قصرا ... فالمنسمان معا دام ومنكوب
وشرحه فقال: "ويروى له" مكان "به" و "به" أجود، أي يكون القيد طويلا فيقصر منه، وإنما هذا مثل، أي يقصر له كل عام من قيده. والمنسمان: الظفران. والدامى: الذي يدمى أي ينزل منه الدم. ومنكوب: قد أصابته نكبة. وأراد بقوله "قصرا" أن الأيام تقصر خطوه فكأنه بعير مقيد. وضرب هذا مثلا للبعير؛ لأنه إذا كبر صار هكذا، وكذلك يصير الرجل أيضا عند الكبر.

الصفحة 124