كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 3)

قال أبو سعيد: يقول: اِنهزَموا، فجَعَل الطلحُ والطَّرفاءُ يَمْشُقهمْ وهم يَعْدُون فى الشّجر، يَهرُبون منهزمين، ومِثلُ هذا قولُ الآخَر:
وأَحسبُ عُرْفُطَ الزَّوْراءُ يُودى ... علىّ بوَشْكِ رَجْعٍ واستلال (¬1)
قال أبو سعيد: هذا الشقِيُّ فَرِق فَحسِبَ أنّ السيفَ يُسَلّ عليه.
كَفَّتُّ ثَوبىَ لا ألوِى على أَحَدٍ ... إنِّى شَنِئْتُ الفَتى كالبَكْرِ يُخْتَطَمُ (¬2)
شَنِئتُ، أي أَبغَضْتُ. كالبَكْر يُختطم، يقول: إذا فَزع قامَ كما يقوم البَكْر وصيَّره بَكْرا لأنّه أضعَفُ الإبل، ولو أنّه صَيَّره فَحْلا رَفَسَه.
وقلتُ مَن يَثْقَفُوه (¬3) تَبْكِ حَنَّتُه (¬4) ... أو يَأْسرُوه يَجُعْ فيهمْ وإن طَعِموا
حَنَّتُه: اِمرأتُه. يَجُعْ فيهم وإن طَعموا، قال: يقول: يأكلون ويشربون وهو بمنزلة الكَلْب، إذا فَرَغوا أطَعموه.
وزعمَ الحسنُ فى قوله عزّ وجلّ: (مِسْكِينًا ويَتِيماً وأَسِيراً) قال: ما كان أسراهم إلّا المُشْرِكين.
¬__________
(¬1) هذا البيت لحبيب الأعلم الهذليّ. انظر صفحة 85 من القسم الثانى من ديوان الهذليين، طبع دار الكتب المصرية.
(¬2) لا ألوى على أحد، أي لا أقف ولا أنتظر. وقد شرح السكرى هذا البيت فقال: كفت: شمرت. ألوى: أرجع وأعطف. شنئت: أبغضت. يختطم: يذل ويؤسر. قال: ضمت ثيابي ومضيت أعدو لا ألوى على أحد اهـ.
(¬3) يثقفوه: يظفروا به، ومنه قوله تعالى فى سورة الممحنة: "إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداءا".
(¬4) حنة الرجل وطلته وربضه وجارته وحاله وعرسه وقعيدته وزوجته وحليلته وامرأته كله بمعنى واحد.

الصفحة 13