كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 3)

وقال البُرَيق -واسمه عِياض بن خُوَيلد الخُناعىّ- في رجل من بني سُلَيم، ثم من بني رِفاعة، أَسَره فأَطلقَه فلم يُثبه، فقال في ذلك (¬1):
واللهِ لا تَنفكّ نفسى تلومُنى ... لدى طَرَفِ الوَعْساءِ فى الرَّجُل الجَعْدِ (¬2)
ولمّا ظَننتُ أنّه متعبَّط ... دَعوْتُ بنى زيدٍ وألحفْته جَرْدِى
متعبَّط، أي مُقطَّع، يقال: عَبَّطه، أي قَطَّعه إذا اعتبطَهُ بالسيف. وكلُّ ثوب خَلَقٍ جَرْدٌ. وقوله: بني زيد، يقول: قلتُ يا بني فلان، وأَلقيتُ عليه ثوبي لأؤمّنه.
فوالله لولا نعمتى وازدرَيْتَها ... لَلاقَيتَ ما لاقَى ابنُ صَفْوان بالنَّجْدِ
يقول: ازدريتَ نِعمتى، لم تَرَها شيئا ولم تُثِبْنى.
فإِنْ يك ظَنِّى صادِقِى يابنَ شنّةٍ (¬3) ... فليس ثوابى في الجَنادِعِ (¬4) بالنُّكْدِ
في الجَنادع، يريد جُنْدُعا. والنُّكْد: المسئلة (¬5). يقول: إنْ لم يكن ظَنِّى صادقا فأَعْطوني ثَوَابي: "ولا تكفوني أنكدكم في الناس" (¬6).
¬__________
(¬1) لم ترد هذه القصيدة في السكرى. وقد وردت في بقية أشعار الهذليين ص 23.
(¬2) الوعس: الرمل الذي تسوخ فيه القوائم، وهو أعظم من الوعساء. والجعد هنا: الكريم. قال في تاج العروس مادة جعد: ومن المجاز رجل جعد أي كريم جواد، كناية عن كونه عربيا سخيا، لأن العرب يوصفون بالجعودة.
(¬3) الشنة: العجوز البالية على التشبيه عن ابن الأعرابى.
(¬4) في البقية ص 23 طبع أوربا "في الجنادات" مكان "في الجنادع".
(¬5) كذا في الأصل. والذي وجدناه فيما بين أيدينا من كتب اللغة أن النكد بضم النون وسكون الكاف: قلة العطاء، وألا تهنئه من تعطيه، قال الشاعر:
وأعط ما أعطيته طيبا ... لا خير فى المنكود والناكد
(¬6) كذا في الأصل. ولعلها "ولا تلفوني" فنأمل.

الصفحة 54