كتاب المهمات في شرح الروضة والرافعي (اسم الجزء: 3)

قال الصيدلاني: إلا أن يطول فيستأنف، انتهى كلامه.
ذكر في "الروضة" مثله أيضًا، وهذه المسألة من المسائل المهمة النفسية، فإن الحكم فيها على خلاف ما يتبادر إلى الفهم من لفظها حتى إن الرافعي نفسه حال تصنيف "الشرح الصغير" فهم من هذا اللفظ غير المراد منه لطول العهد به، فصرع به، وأدى ذلك كله إلى غلطي أيضًا في "شرح المنهاج"، وإلى غلط جماعة مضت عليهم أعصار وأن يعتبر بوقع المعبر به في الغلط جدير أن يعذر غيره فيه، فلنوضح ذلك فنقول: تقديم بعض الفاتحة على قسمين:
أحدهما: أن يقدم آخر الفاتحة على أولها، كتقديم النصف الأخير بكماله أو الثلث، ونحو ذلك.
والثاني: أن يقدم شيئًا من الوسط حيث يكون فاصلًا بين كلمات الفاتحة كما لو انتهى إلى قوله تعالى "صراط الذين" فعاد فقرأ: "مالك يوم الدين" أو شيئًا مما يأتي، وهو غير متصل بالأول كأن قرأ هذا المذكور: "غير المغضوب عليهم".
فأما القسم الأول فلا نزاع فيه حسبان النصف الأول منه، أو الثلث أو غيره، وهو المقدار الذي أخره حتى أنه يبني عليه، لأنه والحالة قارئ الفاتحة بكمالها من غير فاصل، وهو نظير ما ذكروه في الطواف والسعي والوضوء إذا ابتدأ بغير ما يشرع الابتداء به، وقد صرح بهذا الحكم مع وضوحه جماعة منهم القاضي حسين في "تعليقه" ومجلي في "الذخائر"، وجزم به أيضًا ابن الرفعة في "الكفاية".
وأما القسم الثاني: فالحكم فيه ما ذكره الرافعي، وقد صرح بذلك تصويرًا أو حكمًا جماعة منهم المتولي في "التتمة" ثم استدل عليه -أعني- المتولى.

الصفحة 53