كتاب المهمات في شرح الروضة والرافعي (اسم الجزء: 3)

ذكر مثله في "الروضة"؛ وهذا التفصيل قد رجحه أيضًا الغزالي في "البسيط"، وقال في "شرح المهذب": إنه الراجح، وقال في "التحقيق": إنه الأقوى، وقد نص الشافعي -رحمه الله- على أنه لا يجزيء غير الذكر فقال: ولا يجزئه إذا لم يحسن يقرأ إلا ذكر الله -عز وجل-. هذه لفظه، ومن "الأم" نقلته.
والدعاء لا يدخل في الذكر، ويؤيده الحديث: "ومن شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين" (¬1).
والأثنية: جمع ثناء بمعنى المدح.

قوله: ويشترط أن لا يقصد بالذكر المأتى به شيئًا آخر سوى البدلية كما إذا استفتح أو تعوذ على قصد إقامة سنتهما، ولكن لا يشترط قصد البدلية فيهما، ولا في غيرهما من الأذكار فى أظهر الوجهين. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره من تصحيح عدم اشتراط قصد البدلية، في غير الاستفتاح والتعوذ ظاهر وأما فيهما فقد تابعه عليه في "الروضة"، وهو مشكل، فإن القرينة تصرف الذكر المعهود إليهما، ونية الصلاة تشملهما فإنها شاملة للفرض والنفل، وقد دخل وقتهما، وهذا الخلاف نقلوه عن صاحب "التقريب" في غير هذين من الأذكار، وهو واضح.
وقد ذكروا فيما إذا كبر المسبوق تكبيرة واحدة ما يأتي فيه هذا الإشكال أيضًا.
الأمر الثاني: أن كلامه يقتضي استحباب دعاء الاستفتاح والتعوذ عند العجز عن القرآن والانتقال إلى الذكر، وهو مسلم بالنسبة إلى الاستفتاح. وأما التعوذ فالمتجه أنه لا يستحب في هذه الحالة، لأن الأمر به إنما ورد عند
¬__________
(¬1) أخرجه الترمذي (2927) والدارمي (3356) والطبراني في "الدعاء" (1851) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -. قال الترمذي حسن غريب، قال الشيخ الألباني: ضعيف.

الصفحة 59