كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)
عليك عند ممرك على النار، ولا خوف عليك عند العرض الأكبر، ولا أنت تحزن لطول الحبس في تلك الخلوات في الحجب، فإنما سموا طيبين؛ لأنهم لم يبق فيهم تخليط، طابوا روحاً، وطابوا نفساً، وطابوا قلباً.
والآخرون أهل تخليط، لا يقال لهم هذه الكلمة: {طبتم فادخلوها خالدينْ إلا عند باب الجنة بعدما محصوا بعذاب القبر، وأهوال القيامة، وتناول النيران منهم بلفحاتها على الصراط، والحبس في العرض الأكبر، فإذا خلي بينهم، وبلغوا باب الجنة، نودوا: {سلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين}.
والذين وجدتهم الملائكة عند القبض طيبين يقال لهم في وقت فراق الحياة ولقاء الرب: سلام عليكم، ولا يقال لهم: طبتم، فقد كانوا طابوا من قبل مجيء الرسل.
وأما قوله: ((إذا دخل النور في القلب، انفسح وانشرح واستوسع))، فدخول النور في القلب، والانفساح في الصدر، فإن الصدر بيت القلب، ومنه تصدر الأمور، والنور في القلب، ومنه ينفسح الصدر، وينشرح، ويتسع، وإنما صار هكذا؛ لأن الصدر كان مظلماً بالشهوات المتراكمة فيه، والأماني، والفكر، والعجائب، عجائب النفس، ودواهيها، فكان يضيق بأمر الله؛ لأن أمر الله كان خلاف منيته، وهواه، فلما قذف النور فيه، نفى الظلمة، وأشرق الصدر بالنور الواسع، واتسع فيه أمر الله، ونصائحه، وآدابه، ومواعظه، فسئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن علامته في الظاهر، فإن الذي ذكر إنما ذكر في الباطن، فقيل: ما علامته في الظاهر، حتى يعرف أنه من هذه الطبقة؟