كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)
وعليه من الله سماتٌ ظاهرةٌ، يذكره بالخير من لقيه؛ لأنه ينقلب في الخير بعمل الخير، وينطق بالخير، (ويفكر في خير، ويضمر على خير، فهو مفتاح الخير حيثما حضر، وسبب الخير) لكل من خالطه، أو عاشره، أو صحبه.
والآخر يتقلب في الشر، يعمل الشر، وينطق به، ويفكر في الشر، ويضمر على شرٍّ، فهو مفتاح الشر حيثما حضر، وسبب الشر لكل من خالطه، أو صحبه.
فصحبة الأول دواء، وصحبة هذا داء، لا يرجع منه إلا بنقصان، والأول لا يرجع منه إلا بزيادة، فمن كان بين يدي قلبه دنياه، فإنما يفتتح بدنياه إذا لقيك: ومن كان بين يدي قلبه آخرته، فإنما يفتتح بآخرته إذا لقيك، ومن كان بين يدي قلبه خالقه، فإنما يفتتح بذكره إذا لقيك.
كلٍّ إنما ينشر عليك بره، ويحدثك عما يطالع قلبه، فالناطق عن دنياه يرغبك فيها، ويزين لك أحوالها، فالاستماع منه سقمٌ يورطك في ورطته، ويوقعك في وهدته، والناطق عن آخرته يرغبك فيها، ويزين لك أحوالها، ويقلل الدنيا في عينك، ويزهدك فيها، ويقف بك منها على سبيل خطرٍ؛ لما يخبرك عن فتنتها وغرورها، وخدعها، وأمانيها الكاذبة، وما يلقى أهلها غداً من شدة الحساب في أهوال القيامة.
والناطق عن الله: يقف بك على تدبير الله، وعلى سبيل الاستقامة في