كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)
العبودة، ويلهيك عن نفسك، وعن الدارين؛ لما يفتح عليك من منن الله وإحسانه، ولما يكشف عن آلاء الله من سترات الغيوب التي حرم هذا الخلق؛ بمعرفة تلك الأشياء، والانتباه لها، حتى يؤديك إلى سنن التوحيد، فيرمي بك إلى فردانيته، فتنفرد للفرد الواحد، وهم الكبراء الذين روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: ((يا أبا جحيفة! جالس الكبراء، وخالل الحكماء، وسائل العلماء)).
فالعلماء: بعلم أموره ينطقون.
والحكماء: بعلم تدبيره ينطقون.
والكبراء: بعلم الآية ينطقون.
فالكبراء تكبروا في كبرياء الله وعظمته، وانفردوا في فردانيته، واعتزوا به، فرؤيتهم دواء، وكلامهم شفاء، فالمجالسة لهؤلاء.
والمخاللة للحكماء: تخالِله، وتصير له مأمناً، فتفضي إليك حكمته.
والمساءلة للعلماء: تسائلهم عن حلال الله وحرامه وأحكامه.
وقد جعل الله في الخير من البركة ما يغلب الشر حيثما كان؛ لأن مع الخير من الله تأييد، فصاحب الخير بحسن منطقه يسكت الناطقين، وبحسن فعله يقطع فعل الفاعلين، وبحسن خلقه يقهر أحوال السوء من المسيئين،