كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)

785 - ما حدثنا به أبي رحمه الله، قال: حدثنا يحيى الحماني، قال: حدثنا ابن المبارك، عن أبي بكر بن عبد الله ابن أبي مريم الغساني، عن خالد بن محمدٍ الثقفي، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حبك الشيء يعمي ويصم)).
فهذا قلب واحد، إذا أحب الدنيا، أعماه، وأصمه عن الآخرة، وإذا أحب الآخرة، أعماه، وأصمه عن الدنيا، وإذا أحب مولاه، أعماه، وأصمه عن جميع ما خلق، وعن كل شيء سواه.
والحب: حرارة تتوقد في القلب، وإنما جاءت الحرارة من النور الذي ولج في القلب، فيحيا به القلب، وإذا حيي القلب بشيء، كان الملك لذلك الشيء، وأما حب الدنيا، فإنه حرارة الشهوات تلج القلب، فتملكه فتعميه، وتصمه عن كل شيء سواه، وأما حب الآخرة، فهو حرارة شهوات الآخرة، وذلك أنه لما صارت الآخرة له معاينة بالنور الوارد على قلبه، هاجت شهوته لها، فاستحر قلبه، وتوقد، فأعماه، وأصمه عن كل شيء سواها.
وأما حب الله: فهو نوره، إذا توقد في قلب عبده، انكشف الغطاء عن جلاله وعظمته، وبهائه، وجماله، وكبريائه، فسبى قلبه، فأعماه،

الصفحة 438