كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)

فبمشيئته اجتباهم، جذب قلوبهم إليه جذبة من غير تردد وتكلف وطلب، والآخرون طلبوا، ونظروا، وترددوا، وأنابوا، فهداهم إليه.
فالأول: طريق الأنبياء، وطائفة من الأولياء، وهم خاصة الأولياء.
والثاني: طريق الأولياء المهديين، أنابوا، وساروا إليه بقلوبهم، فأوصلهم إليه، فأحبهم، وبحبه أوصلهم إلى حبه {أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين}.
يذلون عند كل حق، ويذلون عند كل مشيئة لله له، يظهر من الغيب من أحكامه عليهم، فينقادون له تسليماً بلا تلجلج، ويعزون عند الباطل، فيمتنعون منه حتى لا يجد العدو سبيلاً، ولا النفس إلى خدعها طريقاً، ويعزون على أهله، فلا يستقبلهم مضاد إلا انقمع لهم وسلس، ولا يخافون لومة لائم في أمر الله، قد سقط عن قلوبهم خوف سقوط المنزلة عند الخلق، وهذه عقبة صعبة عظيمة، من جازها، فقد ولى الدنيا وراء ظهره، ورفع عن الناس بالاً.
وللنفس بالان هما دنياه:
أحدهما: أن تذهب دنياه.

الصفحة 442