كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)

فهذا الحديث يخبر عن حرمة الإسلام، وما يوجب الله لمن قطع عمره مسلماً، وليس يقصد في ذلك الدرجات ولا الأعمال، إنما يعلم القاطعين أعمارهم بهذا الإسلام بما لهم بعمرهم -الذي داموا فيه على الإسلام- عند الله من الكرامة، سوى صحة الأعمال، وصدقه وصفائه، واكتساب الطاعات، فذاك ثوابه على قدر ما اكتسب وسعى.
وقد قال في الحديث الذي رواه الفضيل بن محمد: ((ما من معمرٍ يعمر في الإسلام))، فإنما قصد؛ لبيان فضل التعمير في الإسلام، وثباته عليه، ومثال هذا موجود في خلقه: ترى الرجل يشتري عبداً، فإذا أتت عليه ستون سنة، يقول: قد طالت صحبة هذا، وعتق عندنا، فيرفع عنه بعض العبودة، ويخفف عنه في ضريبته، فإذا زادت مدة صحبته، زيد رفقاً وعطفاً.
فالعبد لا يخلو من تخليط وذنب وإساءة في عمل مولاه، فهو لطول الصحبة لا يمنعه رفقه ولا رفده، ولا يعيبه، فإذا شاخ وكبر، أعتقه، ويحتشم من بيعه والإساءة إليه، ولهذا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يستحي من عبده وأمته أن يشيبا في الإسلام فيعذبهما)).

الصفحة 465