كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)

ففي بلوغ العمر أربعين سنة استكمال الأخلاق، واستجماع القوة، ثم لا يزال بعد الأربعين في نقصان وإدبار عمرٍ تام، فإذا عاش في الإسلام عمراً تاماً، وجبت له من الحرمة ما يدفع عنه هذه الآفات التي لا تقبل الدواء، وأمنه من الداء العضال، ووجود العدو إليه سبيلاً في أخذ قلبه، فإذا بلغ خمسين سنة، فقد صار إلى نصف الذي هو أرذل العمر، فإنما برذالة العمر نال رفع الحساب، وأن لا تكتب عليه سيئة في بلوغ المئة، فإذا بلغ خمسين سنة، وجاوزها، فقد وقع في النصف الأرذل، فخفف عنه حسابه، وقيل في الرواية الأخرى: ((لين حسابه)).
وقال في حديث عثمان رضي الله عنه: ((حاسبه حساباً يسيراً))، فمعنى هذا كله قريب يرجع إلى معنى واحد، وهو اليسير، فإذا انتهى آخره، يرفع عنه الحساب، وهذا كله في حياته، وخفة الحساب في الدنيا أن لا يؤاخذه في الدنيا، ولا ينزع منه البركة، ولا يحرمه الطاعة، ولا يقصيه، ولا يخذله. إذا عمر هذا العمر، ومن قبل الخمسين: لم يستوجب هذه الحرمة، فإذا بلغ ستين سنة، فهو في عمر التذكر والتوقف.

الصفحة 466