كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)
وذهبت القوة، وفقد العقل؛ رفع عنه تبعة الذنب فيما بقي، وإنما قيل: أسير؛ لأنه في ربقة الإيمان، فهو كأسير في وثاق، ولا يقدر براحاً، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمن مثل الفرس في آخيته)).
فهذا المقيد المهتر عاجز عن أعمال البر وهو في ربقة الإسلام، فإذا بلغ مئة سنة، فقد رد إلى أرذل العمر، فعاد كالصبي، فبلغ من حرمته أن أجريت له حسناته، ولم تكتب عليه سيئاته؛ لأنه قد بلي، فوجد صادقاً في قول: لا إله إلا الله، ثم لم يتردد عنها، ودام عليها ناشئاً فتياً، ودام عليها شاباً طرياً، ودام عليها كهلاً سرياً، ودام عليها بجالاً بهياً، ودام عليها شيخاً رضياً، فلما صار إلى أرذل العمر، عاد إلى أحكامه طفلاً صبياً، فأجري له مثل ما كان يعمل من الحسنات في سالف أيامه، ورفع عنه سيء ما يجيء منه.
قال الله -تبارك اسمه-: {ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئاً}، وقال: {قد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ. ثم رددناه أسفل سافلين}، ثم استثنى فقال: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجرٌ غير ممنونٍ}؛ أي: غير مقطوع.