كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)
قال أبو عبد الله:
فهذه كلمات يخرج بها العبد من حال الغفلة، وإنما خص هذه الكلمات بالأسواق من بين المواضع، فإن الغفلة مستولية على أهلها، وذلك أن الله -تبارك اسمه- هو المعطي والمانع، والقابض والباسط والرازق، وبيده خزائن كل شيء، وهو مفاتيح الغيب، فمن قدر على شيء، فبقدرته، ومن ملك شيئاً، فبتمليكه، ووضع الله الأشياء في الأسباب، وجعل الأسباب نصب أعين الآدميين من أبواب المكاسب ووجوه الأرزاق.
فأهل اليقين بنور بصائرهم نفذوا الأسباب إلى وليها، فلم تقدر الأسباب أن تملكهم، ولا صارت عليهم فتنةً، فهم يعملون في الأسباب مع وليها، يزرعون وينتظرون رحمته، ويحصدون ويقبلونه منه، وإذا زكى، قالوا: هذا من فضلك ورحمتك، ويتجرون يبتغون الأرباح من فضل الله عز وجل كما ندب الله العباد، فقال: {وابتغوا من فضل الله}.
وقال في آية أخرى: {وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله}. وإذا تعذر عليهم شيء سألوه كما أدبهم، فقال: {وسئلوا الله من فضله}.
وأهل الغفلة تعلقت قلوبهم بالتجارات والزراعات والحرف، وما وضع