كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)
وطلاوتها وسمتها وآدابها، وسكون النفس وهديها وقصدها، فلم يبق ثمرٌ ولا ورقٌ، وما بقي من الثمر، فبشعٌ أو مر، أو حلو لا طعم له، كدر اللون عاقبته التخمة، فهي أشجار بهذه الصفة.
والشجرة الخضراء سقياها من عند العطوف الرحيم الودود، فقلبه رطبٌ بذكره، وعروقه لينة بفضله ومننه، فلم يضره قحط ولا يبسة.
وأما قوله: ((كحامي الفئة المنهزمة)): فإن أهل الأسواق قد افترص العدو منهم حرصهم وشحهم، ورغبتهم في هذا الفاني، فصيرها عدةً وسلاحاً لفتنته، فدخلوا أسواقهم وهم أصحاب صوم وصلاة وقراءة وتدين طالبين للمعاش، فهذه الرغبة فيهم، والحرص كامنٌ، كلما ازداد طلباً، ازداد حرصاً، فأقبل العدو، فنصب كرسيه في وسط أسواقهم، وركز رايته، وبث جنده، وقال: دونكم من رجال مات أبوهم وأبوكم حيٌّ، فمن بين مطفف في كيل، وطائش في ميزان، ومنفق سلعته بالحلف الكاذب، وحمل عليهم بجنوده حملةً، فهزمهم عن [مقاومهم] إلى المكاسب الردية، وإضاعة الصلوات، ومنع الحقوق، فما داموا في هذه الغفلة على مثل هذه الأحوال، فهم على خطر عظيم من ربهم؛ من نزول العذاب، وتغيير الأمور، وكون الأحداث، فالذاكر فيما بينهم يرد غضب الله، ويطفئ ثائرة الغضب؛ لأن في كلماته هذه نسخ تلك الأفعال.
وقد قال الله -جل ذكره-: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضلٍ على العالمين}.