كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)

فمثل أهل الغفلة والتخليط في هذه الأسواق كمثل الهمج والذباب يجتمعن على مزبلة وكناسة، يتطايرون فيها على ألوان المقادير، فيقعن على ضروب ما هناك فعمد رجل إلى مكنسة عظيمة ذات شعوب وقوة، فكنس هذه المزبلة، فجرفها إلى الوادي، فإذا البقعة نظيفة، وصاحبها معجب بها.
فهذا الناطق بهذه الكلمات وجد أسواقاً مشحونة بالكذب والغش، والخيانة والظلم، والعدوان والأيمان الكاذبة والمكاسب الردية، قد هزمهم العدو، فسباهم وهم على شرف حريق، ونزول عذاب، فنطق بهذه الكلمات، فرمى بهذه المزابل في وجه العدو، وهزمهم، وطهر الأسواق منهم، وكأن في قوله هذا أطفأ ثائرة سخط الله، ومنةً في هذه السوق؛ حسبة تستر مساوئهم، ونوراً ينقي ظلمتهم، وزكاة تطهرهم من أرجاسهم.
قال الله -تبارك اسمه-: {وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً}.
فلهذا نرى اختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات من بين الكلام؛ لتكون نفياً لما جاء به أهل الغفلة، فيدفع الله بهن عن العامة.

الصفحة 485