كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)
نفسه، ومنزلة دنياه، ولها قلبه عنهما، فشغف بمولاه.
ثم قلت: هذا عبد نبه من رقدة الغافلين، فانتبه عن ربه، وأشرق في صدره النور، فوقف بقلبه على جلال الله وعظمته، وعلى جماله وبهائه، وعلى كبريائه وسلطانه، فصارت دنياه عنده في الدقة أقل من جناح بعوضة، وصارت نفسه عنده قبضة من تراب؛ لما أشرق في صدره من نور جلاله وعظمته، ووردت على قلبه من محبة الله، والحلاوة التي وجد لها ما أسكرته وألهته عن محبة نفسه ودنياه، وما يؤمن به إلا كل مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان، وقليل ما هم.
814 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا صالحٌ المري، عن حبيبٍ -وهو العجمي-، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه: إن الله يقول: ((يا جبريل! انسخ من قلب عبدي المؤمن الحلاوة التي كان يجدها لي، قال: فيصير العبد المؤمن والهاً، طالباً للذي كان يعهد من نفسه، نزلت به مصيبةٌ لم ينزل به مثلها قط، فإذا نظر الله إليه على تلك الحال، قال: يا جبريل! رد إلى قلب عبدي ما نسخت منه، فقد ابتليته، فوجدته صادقاً وسأمده من قبلي بزيادةٍ)).