كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)

فهذه حلاوة المحبة من نالها قد غلب على قلبه، وصارت سائر الأشياء خولاً لها، بمنزلة رجل يلوك في فمه مشمشاً أو فرصاداً، أو نحوه، فهو يجد حلاوتهما، فإذا لعق عسلاً، استحال أن لا تلهيه حلاوة العسل عن حلاوة المشمش، وبمنزلة رجل وجد فلساً، فأحبه على قدره، ثم وجد درهماً، فأحبه على قدره، ثم وجد ديناراً، فأحبه على قدره؛ ثم كلما وجد ما هو أعظم قدراً، ضعفت محبة الفلس والدرهم، ثم وجد جوهراً لا يدري ما قيمته، يعطى بها بيوت أموال من الدنانير، أليس قد دق في عينه الفلس والدرهم والدينار؟
فكأنه نسيهم أصلاً، فإنما أحب الدرهم والدينار؛ لاستغنائه بهما، وبما يرجو من نفعهما، ولقضاء النهمات بهما، لا ليمصهما في فيه فيبلعهما، فإذا فتح الله قلبه، نور صدره، وعرفه من صفاته ما جهله، فيحمل ما جهله

الصفحة 496