كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 3)

أزمة ولا خطم، فهي في استبدادها تعمل ما هويت، فإن لم يكن لها راعٍ، فكم من متردية في جرف هار! وكم من فريسة في أنياب السباع! وكم من آكلة دفلى تموت حتف آكلتها، وأخرى تموت عطشاً، وأخرى تموت جرباً.
فالراعي يرعاهم المرعى، ويجنبهم الدفلى، ويذود عنهم السباع، ويعدل بهم عن الجرف، ويوردهم المياه العذبة، فهذه الإبل ليس فيها راحلة، فكذلك الناس هم بهذه الصفة.
والراحلة: هو الذي رحل نفسه فأدبها وراضها، وجنبها سموم الدنيا وآفاتها، وقوم أخلاقها حتى استقامت لله، فصارت راحلة تركبها حقوق الله، وتنقاد لها، وتسيرها، فتحمل أثقال الحقوق وإن كرهت، فتسير بها إلى الله عز وجل.
820 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، قال: قلت لإسرائيل أبي موسى: إنما كان بين أظهركم رجلٌ يرحلكم؟ فقال: إنه بدأ بنفسه، فرحلها، ثم كان يرحلنا -يعني: الحسن-.
فهكذا شأن الراحلة، رحل نفسه، فارتحل إلى الله، ثم صار راعياً يرعى

الصفحة 504