كتاب تراجم المؤلفين التونسيين (اسم الجزء: 3)

وكالة الجاموس تلعب دورا هاما في توجيه الطلبة الاباضية بالقاهرة مدة قرون متوالية، وتوقف نشاطها منذ ثلاثة عقود ونصف من السنين وشملها تهديم بعض الاحياء العتيقة في القاهرة.
وبعد هذه المدة الطويلة من الاغتراب رجع إلى مسقط رأسه سنة 1068/ 1659 واحتفل أهل الجزيرة بقدومه فكان عند حسن ظنهم فخصص وقتا للاتصال بالجماهير واعظا ومرشدا وآمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، ولما رجع إلى الجزيرة أدرك شيخه عبد الله السدويكشي في آخر عمره ولما توفي اسندت إليه رئاسة حلقة العزابة والتدريس في نفس الوقت وأبدى نشاطا كبيرا أكثر ممن سبقه إذ كانت له مجالس علمية مختلفة، وأهم هذه المجالس هو المجلس العمومي الذي كان ينعقد بجامع بني لاكين (جامع تلاكين اليوم) الذي يحضره أغلب فقهاء الجزيرة وطلبتها، وكان يصلي هناك الظهر ويبدأ الدرس بعد اداء صلاة الظهر إلى صلاة العصر، وبعدها يجلس للحكم بين الناس وله مكان معلوم بالمسجد إلى اليوم يحكم فيه بين الناس به مقصورة يوقف ببابها الممتنع عن اداء الحق لا يطلق سراحه ويخرج من المقصورة حتى يذعن.
وله مجلس علمي آخر بمسجده المشهور بأبي ستة بسدويكش وبمسجد القصيبيين بقلالة.
توفي بجربة وضريحه ما زال معروفا بحومة درسغيتن قرب سدويكش ورثاه جماعة من الشعراء منهم تلميذه الاديب المؤرخ علي بن بيان بقصيدة طويلة مطلعها:
إلى الله أشكو لوعتي وشجوني
وكان علماء الجزيرة يقيمون كل سنة حفلة بجامع المحشي تسمى خلاعة المحشي تدوم ثلاثة أيام يحضرها العلماء ونخبة من الطلبة وعدد من الوجهاء وفيها يقع ختم القرآن الكريم ترحما على روحه وتلقى بعض المحاضرات وكانت فرصة للطلبة النابهين المتحمسين للحديث إلى الجمهور،

الصفحة 9