كتاب التفسير الحديث (اسم الجزء: 3)

وحديثين صحيحين آخرين رواهما الشيخان في سياق وقعة الخندق أو الأحزاب جاء في أحدهما عن أنس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم فلمّا رأى ما بهم من النّصب والجوع قال:
اللهمّ إنّ العيش عيش الآخره ... فاغفر للأنصار والمهاجرة» «1»
وجاء في ثانيهما للبراء: «إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان ينقل معنا التراب ولقد وارى التراب بياض بطنه وهو يقول:
والله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدّقنا ولا صلّينا
فأنزلن سكينة علينا ... وثبّت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا
ورفع بها صوته: أبينا ... أبينا» «2» .
وإن كتب السيرة القديمة روت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرتجز يوم حنين وهو على بغلته قائلا:
أنا النبيّ لا كذب ... أنا ابن عبد المطّلب «3»
وإن ابن كثير روى في سياق الآيات التي نحن في صددها حديثا جاء فيه:
«أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم جرحت يده فقال:
هل أنت إلّا إصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت
وكل هذا شعر موزون على نمط الشعر العربي المتواتر.
والذي يتبادر لنا أنه لا منافاة بين أن يتمثّل النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الشعر بوزنه
__________
(1) التاج ج 4 ص 374- 375.
(2) انظر المصدر نفسه. [.....]
(3) طبقات ابن سعد ج 3 ص 201.

الصفحة 42