كتاب التفسير الحديث (اسم الجزء: 3)

(1) في هذه: روى المفسرون في تأويل هذه الجملة ثلاثة أقوال منها أنها بمعنى هذه السورة. ومنها أنها بمعنى هذه الدنيا. ومنها أنها بمعنى هذه الأنباء.
ولعل القول الأخير هو الأوجه لأن كلمة الأنباء هي الأقرب ذكرا.
في الآيات تعقيب على السياق والكلام السابق كما هو المتبادر، فالله تعالى إنما يقص على نبيه صلى الله عليه وسلم ما يقصه من أنباء الرسل السابقين ليثبت به فؤاده، ويتبين حكمة الله في خلقه، ولقد جاء في هذه الآيات الحق الذي فيه موعظة وتذكرة للمؤمنين. وعليه أن لا يبالي بالذين لم يؤمنوا لأن حكمة الله اقتضت أن يكون في الناس الصالح والطالح والمهتدي والضالّ والأخيار والأشرار، وأن يقول لهم سيروا على الطريقة التي ترغبون ونحن نسير على الطريقة التي نرغب، وانتظروا حكم الله وأمره ونحن من المنتظرين لهما أيضا. وعليه أن يتوكل على الله ويستمر في عبادته وذكره. فالأمر كله راجع إليه، وهو المطلع على كل ما خفي وظهر في السموات والأرض، وليس غافلا عما يفعل الناس مؤمنوهم وكفارهم.
والمتبادر أن الآيات استهدفت أيضا فيما استهدفته تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتوكيد كونه غير مسؤول عن موقف الكفار. وكون ما نزل عليه هو الحق الذي يهتدي به الطيبون الصالحون في نواياهم وقلوبهم وأخلاقهم، كما استهدفت إنذار الكفار وتوكيد كون الله محيطا بأعمالهم وكونهم راجعين إليه ومسؤولين أمامه.
كذلك جاءت خاتمة قوية لمواقف المناظرة والجدل التي حكتها فصول السورة وخاتمة قوية أيضا للسورة.
[تم بتوفيق الله الجزء الثالث ويليه إن شاء الله تعالى الجزء الرابع وأوله تفسير سورة يوسف]

الصفحة 556