كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ السُّؤَالُ مِنَ اللَّهِ، وهذا يردُّ قولَ (¬1) مَنْ قال من الصوفية بعدم الدعاء، ولو لم يكن في ذلك إلا أنه المأثورُ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكان (¬2) كافيًا في فضيلة الدعاء، فكيف وقد أمر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ به، وحض عليه؟!
وقولُهم (¬3): إن في الدعاء تحكُّمًا، فإنما يكون كذلك (¬4) لو كان أَمْرًا، وإنما هو سؤالٌ وتضرُّعٌ، وإظهارٌ لذلِّ العبودية، وعزِّ الربوبية.
وأما حديث: "مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي"، الحديث (¬5)، فقال القاضي (¬6) أبو بكر بنُ العربي: معناه: أن العبدَ ليس في كل حال يدعو، بل تارة يدعو، وتارة يذكر، وإذا (¬7) دعاه، استجاب له، وإذا ذكره، أعطاه أفضلَ ما سأله، فهو الكريمُ في الحالين.
وما أحسنَ قولَ الشاعر:
¬__________
(¬1) في "ق": "على قول".
(¬2) في "ت": "كان".
(¬3) في "ت": "وقوله".
(¬4) في "ت": "ذلك".
(¬5) رواه الترمذي (2926)، كتاب: فضائل القرآن، باب: (25)، من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- وقال: حسن غريب.
(¬6) "القاضي" ليس في "ت".
(¬7) في "ق": "فإذا".

الصفحة 106