كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

اللَّهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ (¬1) ... وَبُنيُّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ
السابع: قوله: " [ما] من أحدٍ أغيرُ من اللَّه"، الغيرة: مشتقةٌ من تَغَيُّرِ حالِ الغَيْران؛ لما رآه من قبيح فعلِ مَنْ غارَ عليه، وهيجانِ غضبِه بسبب هَتْكِ مَنْ يَذُبُّ عنه، واللَّهُ -تعالى- المقدَّسُ المنزه (¬2) عن تغير الذاتِ والصفات، فمعناه: ما من أحدٍ أمنعُ للفواحشِ من اللَّه، والغيورُ يمنعُ حريمَهُ، وكلَّما زادتْ غيرته، زاد منعهُ (¬3)، فاستعير لمنع الباري -تعالى- عن معاصيه اسمُ الغيرة مجازًا، و (¬4) اتساعًا، وخاطبهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على ما (¬5) يفهمونه، ونعني بالمنع: التحريم، لا عدمَ التمكين؛ فإن ذلك يُحيل المعنى المذكور (¬6).
¬__________
(¬1) "سؤاله" زيادة من "ت".
(¬2) في "ت": "المنزه المقدس".
(¬3) "منعه" ليس في "ت".
(¬4) في "ت": "أو".
(¬5) في "ت": "بما" بدل "على ما".
(¬6) قال السفاريني في "كشف اللثام" (3/ 237): إطلاق الغيرة على اللَّه سبحانه وتعالى جاء في عدة أحاديث، وأهل الإثبات من المحدثين، ومذهب السلف من أئمة الدين يؤمنون بكل ما جاء في الكتاب والسنة، مع اعتقادهم أن ليس كمثل اللَّه شيء، فهم يثبتون الآثار بلا تمثيل، وينزهون الباري -جل وعز- عن سمت الحوادث بلا تعطيل؛ فعندهم المشبِّه يعبد صنمًا، والمعطِّل يعبد عدمًا، والمؤمن يعبد رب الأرض والسماء، فيقولون: نؤمن كما أخبر، وكما جاء في الأثر، لا كما يخطر للبشر. =

الصفحة 107