كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

وقال الخطابي في شرح هذا الحديث: معنى راح: قصدَ الجمعةَ، وتوجَّه إليها مبكِّرًا قبلَ الزوال.
قال: وإنما تأولناه هكذا؛ لأنه لا يبقى بعدَ الزوال خمس ساعات في وقت الجمعة، وهذا سائغ (¬1) في الكلام، تقول راح فلان: بمعنى: قصد، وإن كان حقيقة الرواح بمعنى الزوال (¬2).
قلت: قولُه (¬3): لا يبقى (¬4) خمسُ ساعات بعد الزوال، إنما يثبت هذا الإشكال إذا حملنا الساعات على الأجزاء الزمانية التي يقسم النهار فيها إلى اثني عشر جزءًا، وأما إذا حملناها على ما تأوله مالك رحمه اللَّه؛ من تقسيم الساعة السادسة إلى ستة أجزاء على ما سيأتي، فلا يثبت إشكالًا، مع أنه قد سلم أن حقيقة الرواح بمعنى الزوال (¬5) في (¬6) قوله: -عليه الصلاة والسلام-: "مَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً"، والتهجيرُ عند الأكثرين: السيرُ وقتَ الهاجرة.
وما أبعدَ تأويلَ من تأوله من الشافعية بأن معناه: هجرَ منزله وتركه!
¬__________
(¬1) في "ت": "مانع".
(¬2) انظر: "معالم السنن" للخطابي (1/ 109).
(¬3) "قوله" ليس في "ت".
(¬4) في "ت": "لا تبقى".
(¬5) في "ت" زيادة: "فمالك إذًا تمسك بالحقيقة، ومن تمسك بالحقيقة لا ينازع؛ مع أنه يتأيد بما تقدم".
(¬6) في "ت": "من".

الصفحة 11