كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

ع: وأقوى معتمد مذهب (¬1) مالك في (¬2) المسألة، وكراهة البكور فيها (¬3) -خلاف ما قاله الشافعي، وأكثر العلماء، وابن حبيب من أصحابنا: عملُ أهل المدينة المتصلُ بتركِ ذلك، وسعيُهم إليها قربَ صلاتها، وهو نقلٌ معلومٌ غيرُ منكَرٍ عندهم، ولا معمولٍ بغيره، وما كان أهل عصر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومَنْ بعدهم ممن يترك الأفضلَ إلى غيره، ويتمالؤون على العمل بأقل الدرجات.
ومما يؤيد تأويلَه -أيضًا-: أنه لو كان كما تأوله غيرُه في سائر ساعات النهار، كان حكمُ الساعات كلِّها في الفضل واحدًا.
قلت: يريد: كأنه (¬4) يلزمُ منه أن يكون كلُّ مَنْ جاء في الساعة الأولى -مثلًا- في الفضل واحدًا.
وكذلك الثانية، إلى آخر الساعات، ومعلومٌ أن السابق له فضلٌ على اللاحق، فلا تتساوى مراتبُ النَّاس في كل ساعة، وقد جاء في (¬5) الحديث: "ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ"، وجاء في الحديث أيضًا: "يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ"، وهو بمعنى (¬6) الذي قبله.
¬__________
(¬1) في "ت": "قول" بدل "مذهب".
(¬2) في "ت" زيادة: "هذه".
(¬3) "فيها" ليس في "ت".
(¬4) في "ق" و"ت": "أنه كان" مكان "كأنه".
(¬5) "في": ليس في "خ".
(¬6) في "خ" و"ت": "معنى".

الصفحة 12