كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

اللحم، وفي الهدايا كثرتُه، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: "بَدَنَة، ثم بَقَرَة" يحتج به (¬1) عطاءٌ في أن البُدْنَ لا تكون إِلَّا من الإبل وحدَها، ومالكٌ يرى البقرَ من البُدْن.
وفائدة هذا فيمن نذرَ بدنة، ويكون ببلد لا يوجد فيه (¬2) إِلَّا البقر (¬3)، وذلك عند عدم الإبل، أو قصر النفقة (¬4).
تنبيه: ظاهرُ هذا الحديث أو نصُّه، يقتضي أن هذا التقريب المذكور لا يحصل إِلا لمن اغتسل، ثم راح؛ لتصديره -عليه الصلاة والسلام- الشرطَ به، وهو كلمة (مَنْ)، وعطف الرواح عليه، بثُمَّ المرتِّبَة، نعم، من راح في الساعة الأولى -مثلًا- من غير اغتسال، كان له فضلٌ على من (¬5) راحَ بعدَه، ولكن لا يحصل له أجرُ التقريبِ المذكورِ المشروطِ بالاغتسال، فمن ادَّعى عدمَ اعتباره، فعليه الدليل.
الثالث: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "كأنما قَرَّبَ دجاجة" و"كأنما قرب بيضةً"، وفي الرواية الأخرى في كتاب "مسلم": "أَهْدَى دَجَاجَةً (¬6)، وَأَهْدَى بَيْضَةً"، وليس هذان مما يطلق عليهما اسمُ هَدْي،
¬__________
(¬1) في "ت": "فيه".
(¬2) في "ت": "في بلد لا يكون فيها".
(¬3) في "ق": "لا توجد فيه البقر".
(¬4) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 240).
(¬5) في "خ": "فضل من".
(¬6) (و"كأنما قرب بيضة"، وفي الرواية الأخرى في كتاب "مسلم": "أهدى =

الصفحة 15