كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

قلت: ويؤيد هذا التأويلَ قولُه في الرواية الأخرى: كُنَّا نجمِّعُ معَ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا زالتِ الشمسُ، فهذا مفسِّرٌ لما وقع في حديث سهل، وكاشفٌ (¬1) لمعناه.
وأما قول سلمة: "ثم ننصرفُ وليس للحيطان ظلٌّ نستظلُّ به"، فإنه لم ينفِ مطلقَ الظلِّ، وإنما نفى ظلًا يُستظل به، مع أن جدرانهم (¬2) كانت قصيرة؛ فإنهم كانوا لا يتطاولون في البنيان، فقصرُها يمنعُ من الاستظلال بها وقتَ الزوال إلى زمان (¬3) طويل.
ق (¬4): (¬5) أهلُ الحساب يقولون: إنَّ عرضَ المدينة خمسٌ وعشرون درجةً، فإذًا غايةُ الارتفاع يكون تسعًا وثمانين، فلا تُسامِتُ الشمسُ الرؤوس، وإذا لم تسامتِ الرؤوسَ (¬6)، لم يكن ظل القائم تحته حقيقة، بل لابدَّ له من ظل، فامتنع أن يكون المرادُ: نفيَ أصل الظل، فالمراد: ظلٌّ يكفي أبدانَهم للاستظلال، ولا يلزم من ذلك وقوعُ الصلاة ولا شيءٌ (¬7) من خطبتها قبلَ الزوال.
¬__________
(¬1) "وكاشف" ليس في "ت".
(¬2) في "ت": "جداراتهم".
(¬3) في "ت": "زمن".
(¬4) "ق" ليس في "ت".
(¬5) في "ت" زيادة: "فإن".
(¬6) "وإذا لم تسامت الرؤوس" ليس في "ت".
(¬7) في "ت": "شيئًا".

الصفحة 22