كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

والميم، يكثرْنَ (¬1) في الفواتح ما لم يكثر غيرُها من الحروف؛ لكثرتها في الكلام، ولأن الهمزة من الرئة، فهي (¬2) أعمق الحروف، واللام مخرجها من طرف اللسان ملصقة بصدر الغار الأعلى من الفم، فصوتها يملأ ما وراءها من هواء الفم، والميم مطبقة؛ لأن مخرجها من الشفتين إذا أطبقتا (¬3)، فرمز بهنَّ (¬4) إلى باقي الحروف؛ كما رمز -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" إلى الإتيان بالشهادتين، وغيرِهما مما هو من لوازمهما (¬5).
وكذلك لسائر الحروف الفواتح (¬6) شأنٌ ليس لغيرها، و (¬7) وراء ذلك من الأسرار الإلهية ما لا تستقلُّ بفهمه البشرية (¬8)، ولقد استخرج بعضُ أئمة المغرب (¬9) من قوله تعالى: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} [الروم: 1 - 3]، فتوحَ بيتِ المقدس، واستنقاذَه من يد (¬10) العدوِّ
¬__________
(¬1) في "ت": "يكثرون".
(¬2) في "خ": "فهو".
(¬3) في "ت": "فتُبين إذا أطبقتهما"، وفي "ق": "إذا انطبقتا".
(¬4) في "ت": "فرمزهن" بدل "فرمز بهن".
(¬5) في "ت": "لازمهما".
(¬6) في "ق": "بالفواتح".
(¬7) الواو ليست في "ق".
(¬8) في "ت": "لا يستقل بفهمه البشر".
(¬9) في "ق": "بعض العرب".
(¬10) في "ق": "أيدي".

الصفحة 33