كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)
التلبية: مصدر لَبَّى، ثُنِّي للتكثير والمبالغة، ومعناه: إجابةً بعدَ إجابة، ولزومًا لطاعتك؛ لأنه يقال: أَلَّبَ بالمكان: إذا لزمَه، وأقامَ به.
ع: فتثنيتُه للتأكيد، لا تثنيةُ حقيقة، بمنزلة قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64]؛ أي: نعمتاه (¬1)، على تأويل اليد بالنعمة، ونعمُ اللَّه لا تُحصى.
قال يونس: إنها اسم مفرد، وإن ألِفَه إنما انقلبت ياء، لاتصالها بالضمير على حد يدي، ومذهب سيبويه أنه مثنى؛ بدليل قلبها ياء مع المظهر، قال الشاعر:
دَعَوْتُ لِمَا نَابَنِي مِسْوَرًا ... فَلَبَّى فَلَبَّى يَدَيْ مِسْوَرُ
قال ابن الأنباري: ثنُّوا لَبَّيْكَ، كما ثَنَّوا حَنَانَيْكَ، أي: تَحَنُّنٌ بعدَ تَحَنُّنٍ، وأصلُ لَبَّيْكَ: لبببك، فاستثقلوا الجمعَ بين ثلاث باءات، فأبدلوا الثالثةَ ياء؛ كتَظَنَّيْت، وقَصَّيْت، والأصل: تَظَنَّنْت، وقَصَّصْت.
¬__________
= الأحكام" لابن دقيق (3/ 15)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 925)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 198)، و"التوضيح" لابن الملقن (11/ 154)، و"طرح التثريب" للعراقي (5/ 88)، و"فتح الباري" لابن جر (3/ 409)، و"عمدة القاري" للعيني (9/ 172)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (1/ 114)، و"كشف اللثام" للسفاريني (4/ 129)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5/ 52).
(¬1) في "ت": "معناه".
الصفحة 569