كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

ولتعلمْ: أنه قد اتُّفِق على ما لا يَسْتَنْبِتُه بنو آدم، دونَ ما يستنبتونه.
قال الخطابي: وسمعتُ أصحابَ أبي حنيفةَ يفرِّقون بين ما ينبتُ من الشجِرِ في الحرمِ، وبين ما يُنبتُهُ الآدميون، ويجعلون النهيَ مصروفًا إلى ما يُنبِتُهُ اللَّهُ عز وجل دونَ غيره.
قلت: وكذلك مذهبُ مالك رحمه اللَّه في التفرقة المذكورة.
قال: والشافعيُّ يرى فيه الفديةَ (¬1).
قلت: وأما مذهبُنا في ذلك: فإنه لا فديةَ على مَنْ قطعَ شيئًا مما لم يستنبتْه الآدميون في الحرم؛ لكنه مأمورٌ بأن لا يفعلَ، رطبًا كان أو جافًا، فإن فعل، فليستغفر (¬2) اللَّه، ولا شيء عليه.
قال في "الكتاب": ولا بأس أن يقطع ما أنبته الناسُ في الحرم من الشجرِ؛ مثل: النخل، والرُّمانِ، والفاكهةِ كلِّها، والبقلِ كلِّهِ، والكُرَّاثِ، والحشيشِ، والشجرِ.
قال: وأكَره أن يحتشَّ في الحرم حلالٌ أو حرامٌ؛ خيفةَ قتلِ الدوابِّ، وكذلكَ الحرام في الحِلِّ، فإن سلموا من قتل الدواب، فلا شيء عليهم، وأكره لهم ذلك.
قال: ونهى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الخبط، يريد: -بإسكان الباء-، وقال:
¬__________
(¬1) انظر: "معالم السنن" للخطابي (2/ 220).
(¬2) في "ت": "فاستغفر".

الصفحة 604