كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

بقتال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" (أحدٌ): فاعلٌ بفعل مضمَرٍ يفسره ما بعده؛ أي: فإن تَرَخَّصَ أحدٌ تَرَخَّصَ (¬1).
فيه: دليل على أن مكة -شرفها اللَّه تعالى- فُتحت عَنْوَةً، وهو مذهبُ الأكثرين، وقال الشافعيُّ: فُتحت صلحًا، وقيل في تأويل الحديث: إن القتالَ كان جائزًا له -صلى اللَّه عليه وسلم- في مكةَ، ولو احتاج إليه: لفعله، ولكن ما احتاج إليه.
ق: وهذا التأويل يضعفه قولهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإنْ أحدٌ ترخَّص بقتالِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، فإنه يقتضي وجودَ قتالٍ منه -صلى اللَّه عليه وسلم- ظاهرًا، وأيضًا السِّير (¬2) التي دلَّت على وقوع القتال، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: "مَنْ (¬3) دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ" (¬4) إلى غيره من الأمان المعلَّقِ على أشياء بخصوصها يُبعد هذا التأويل (¬5).
قلت: وهذا ظاهرٌ مكشوف.
قال الخطابي: وتأول غيرُهم قولَه -عليه الصلاة والسلام-: "إِنَّما أُحِلَّتْ لي ساعةً مِنْ نَهارٍ" على معنى دخوله إياها من غير إحرام؛
¬__________
(¬1) في "ت": "الترخص".
(¬2) "السير" زيادة من "ت".
(¬3) في "خ": "فمَنْ".
(¬4) رواه مسلم (1780)، كتاب: الجهاد والسير، باب: فتح مكة، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(¬5) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 28).

الصفحة 606