كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

الصلاة والسلام- حَرَّمَ مكةَ، وأُجيب عن هذا التعارض: بأن إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- أظهرَ حرمتَها بعدَما نسُيت، والحرمةُ ثابتةٌ من يومِ خلقَ اللَّهُ السمواتِ والأرض.
وقيل: إن التحريم في زمن إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، وحرمتُها يومَ خلق السموات والأرض: كتابتُها في اللوحِ المحفوظِ، أو غيره حرامًا، وأما الظهورُ للناس، ففي زمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام (¬1).
الرابع: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "فهي حرامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلى يومِ القيامة" يشتمل على أمرين: تحريم القتال، والثاني: أن ذلك ثابتٌ لا يدخله نسخ.
وقد تقدم الكلام على اختلافهم في القتال.
الخامس: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "لا يُعْضَد شوكُه": كأنه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، لأنه إذا مُنع من قطع الشوك المؤذي، فأحرى أن يُمنع من قطع ما يُنتفع به، وهو يقارب قولَه تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا} [الإسراء: 23]، وإن كانوا قد اختلفوا في قطع الشوك، فذهب بعضُ الشافعية إلى منعه، كما هو ظاهر الحديث، وأباحه غيره، لأذاه، وخالف ظاهر الحديث (¬2).
¬__________
(¬1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 30).
(¬2) المرجع السابق، الموضع نفسه.

الصفحة 614