كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 3)

الثاني: قولها: "فأطالَ القيام"، ولم تقدِّرْه، وقد جاء تقديرُه في حديث آخر، في الأول (¬1): بنحو سورة البقرة، والثاني (¬2): بنحو سورة آل عمران، والثالث: بنحو سورة النساء، والرابع: بنحو سورة المائدة، وفي تقدير الثالث بالنساء نظر؛ فإن المختار كونُ القيامِ الثالثِ أقصرَ من الثاني، والنساءُ أطولُ من آل عمران، وهذا التقدير يدل على سرية القراءة في صلاة الكسوف؛ إذ لو كانت جهرية، لما احتاجت إلى تقدير، بل كان يُقال: قرأ سورة كذا، وسورة كذا (¬3).
وقد اختلف العلماء في ذلك، فقالت جماعة: القراءة فيها جهر،
¬__________
(¬1) في "ت": "الأولى".
(¬2) في "ت": "الثانية".
(¬3) قال ابن الملقن في "الإعلام" (4/ 293): وادعى الفاكهي أنه ورد في حديث: أنه قرأ في الأول بنحو سورة البقرة، وفي الثاني بنحو سورة آل عمران، وفي الثالث بنحو سورة النساء، وفي الرابع بنحو سورة المائدة. قال ابن الملقن: وشرع -أي: الفاكهي- يستشكل تقدير الثالث بالنساء؛ لأن المختار كون القيام الثالث أقصر من الثاني، والنساء أطول من آل عمران. قال ابن الملقن: فليحرر ذلك، انتهى.
قلت: قال القسطلاني في "إرشاد الساري" (2/ 263): لكن الحديث الذي ذكره غير معروف، وإنما هو من قول الفقهاء. نعم قالوا: يطوِّل القيام الأول نحوًا من سورة البقرة؛ لحديث ابن عباس في باب: صلاة الكسوف جماعة، وأن الثاني دونه، وأن القيام الأول من الركعة الثانية نحو القيام الأول، وكذا الباقي. نعم في الدارقطني من حديث عائشة: أنه قرأ في الأولى بالعنكبوت والروم، وفي الثاني بـ {يس}.

الصفحة 96