كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك".
وقال الشافعي [في "الأم"]: وبهذا قولي في الفرض والسنة، وبه آمر، وأحب ألا يغادر منه شيئاً، فإن زاد فيه شيئاً أو نقص، كرهتهن ولا سجود عليه؛ كذا حكاه البندنيجي والروياني في "تلخيصه"، ونقلاً عن المزني أنه قال: معنى قوله-عليه السلام- في الخبر: "والشر ليس إليك"، أي: لا ينسب إليك وإن كنت فاعله، كما لا يقال: خالق القردة والخنازير، وإن كان خالقهما.
وقال محمد بن خزيمة: معناه: لا يتقرب به إليك، وهو ما حكاه القاضي الحسين، وقال: إنه منقول عن الفضل بن شميل، وبه قال الخليل.
وقيل: معناه: والشر ليس يصعد إليك؛ قال الله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10].
وقد زعم بعضهم أن الشافعي لم يقل إلا ما حكاه المزني في "المختصر"، فقال: إنما اقتصر الشافعي على ذلك؛ لطول ما بعده، ولاشتماله على مقاصد تأتي على جملة ما اشتمل عليه الحديث بكماله مع لطائف لم يتضمنها آخره المتروك.
والأحسن في تأويله: أن الشافعي اقتصر في "المختصر" على ذلك؛ لأنه يعم كل مصلّ: من إمام، ومنفرد، وما ذكره في "الأم" من تتمة الحديث مخصوص -كما قال الأصحاب- بالمنفرد دون الإمام، إلا أن يؤثر من خلقه التطويل، وسيأتي نظيره ودليله.
فإن قيل: قد روى مسلم بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]، وهذا يدل على أنه لم يكن يأتي بالدعاء.

الصفحة 101