كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

غيرها، مثل أن وصل إلى قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ} [الفاتحة: 7]، فعاد إلى قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4]-نظرت: فإن استمر، وقرأ إلى آخر الفاتحة- حسبت له، وإن لم يقرأ إلا هذه الآية، ثم عاد وقرأ من الموضع الذي كان قد انتهى إليه، لم يحتسب له بها، وعليه الاستئناف؛ لان مثل ذلك غير معهود في التلاوة.
وهذا كله إذا وجد على وجه العمد، فإن وجد على وجه السهو والنسيان، قال البندنيجي: ففي ترك الترتيب الحكم كذلك؛ لأنه شرط مع الذكر والنسيان، كما في الترتيب في الركوع والسجود، والترتيب في الطهارة، وقد حكاه القاضي أبو الطيب وغيره عن نصه في "الأم"، حيث قال: "إذا قرأ الفاتحة، ونسي [التسمية] في أولها، ثم ذكرها-قرأها، وقرأ الفاتحة ثانياً".
وفي ترك الموالاة، والإتيان بالتفريق لا يضره، بل يبني على ذلك؛ فإنها شرط مع الذكر دون النسيان، وقد حكاه أبو الطيب عن نصه في "الأم" أيضاً.
وإلى ما ذكرناه في الحالين صار الشيخ أبو محمد، وفرق بما ملخصه: أن الترتيب في [الصلاة في] نظر الشرع آكد من نظره إلى الموالاة؛ ألا تراه لو سجد قبل الركوع ناسياً لا يعتد بسجوده؟! ولوطول ركناً قصيراً ناسياً، وأخل بالموالاة بني الأركان بهذا السبب- لم يضره، ويؤيده أن ترك الترتيب في الوضوء يبطله، بلا خلاف على المذهب، وترك الموالاة لا يبطله على الجديد.
ووراء ذلك [في التفريق] أوجه:
أحدها -حكاه الإمام عن العراقيين-: أن السكوت الطويل عمداً لا يقطع الموالاة.
قال: وهو مزيف متروك، وإن كان لا يبعد توجيه.
وقد ادعى مجلي أن هذا ظاهر كلام الشافعي؛ [فإنه قال: ولو سكت في القراءة سكوتاً طويلاً، ولم ينو قطعها، أو تعب فوقف، أو غفل؛ فأدخل آية أو آيتين من غيرها-رجع حتى يقرأ من حيث غفل، ويأتي بها متوالية. وقال:] إنه

الصفحة 124