كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

فبين لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا، فقال: "إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، وليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا"، والقراءة تمنع ما أمر به من الإنصات، وما تقدم في الحديث في الفصل قبله [من قول الراوي: "فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم] فيما يجهر فيه"-يشهد له أيضاً؛ فإنه يقتضي التعميم؛ وهذا القول نص عليه في القديم [وبعض الجديد، كما قال الماوردي.
وقال البندنيجي: إنه نص عليه في القديم] و"الإملاء"، وفي صلاة الجمعة من الجديد.
والقائلون بالأول قالوا: المراد بالآية: الخطبة؛ كما قالته عائشة وعطاء، وإن أجريت على ظاهرها، فالقراءة لا تمنع الإنصات؛ لأنا قد ذكرنا أنه يستحب للإمام سكتة بعد قراءة الفاتحة [بقدر الفاتحة، فيقرأ فيها المأموم الفاتحة.
والقائل: "فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله فيما يجهر به" من كلام الزهري، كما قال الخطابي وعبد الحق وغيرهما؛ فلا حجة فيه؛ على أنا نحمله على قراءة السورة، وكذا خبر أبي موسى؛ جمعاً بين الأحاديث.
التفريع: إن قلنا بالأول؛ فيستحب له أن يقرأ في سكتة الإمام بعد الفاتحة.
قال الماوردي والغزالي: فإن لم يسكت الإمام قرأها المأموم في قراءة الإمام السورة.
وقد ادعى بعضهم: أن المستحب أن يقرأها في سكتة الإمام قبل قراءة الفاتحة]، وفي سكتته بعد فراغه من الفاتحة، وقبل قراءته السورة، وقال: [إنه] لو قرأ بعضها في السكتة الأولى، ثم شرع الإمام في القراءة- أنصت له، فإذا فرغ منها، أتم ما بقي عليه، ولم يستأنف، وحكاه عن صاحب "المرشد"، وهو [المشهور في] "تعليق القاضي أبي الطيب"،وفيه نظر من وجهين:
أحدهما: أن المتولي ذكر أن المأموم يكره له أن يشرع في قراءة الفاتحة قبل

الصفحة 137