كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

وغيره ضبط ما يجهر فيه، ويسر، فقال: جميع الصلاة الواقعة في الليل فرضاً أو سنة يجهر فيها، إلا صلاة الجنازة على وجه؛ لأن الغالب أنها تفعل نهاراً؛ فغلب، ولأنه لا يسن فيها قراءة السورة؛ فكانت كالركعتين الأخيرتين من العشاء.
وأما الصلاة في النهار، فما لانظير لها في الليل، وهي الجمعة، والعيدان، والاستسقاء؛ لأنه يشرع فيه الصوم، فالسنة الجهر فيها، وما لها نظير من صلاة الليل، وهي: الظهر، والعصر، والكسوف، والنوافل المطلقة، والمقيدة، فالسنة الإسرار فيها.
ونظير الظهر والعصر من صلاة الليل العشاء، ونظير الكسوف الخسوف، والنوافل بالنوافل.
الخامس: أنه لايستحب الجهر بدعاء الاستفتاح، والتعوذ، ولاخلاف في [ذلك في] دعاء الاستفتاح، وأما التعوذ، فقد قال الشافعي في "الأم": "كان ابن عمر يتعوذ في نفسه، وكان أبو هريرة يجهر، فأيهما فعل جاز".
وقال في "الإملاء": يجهربه، وإن أخفاه، جاز. فأخذ الأصحاب بذلك، وجعلوا في المسألة قولين:
أحدهما: يتخير فيه.
والثاني: يجهر؛ لأنه تبع للقراءة؛ فجرى مجراها؛ كما في التأمين؛ وهذه طريقة الشيخ أبي حامد، والقاضي الحسين، والإمام.
وغيرهم قالوا في المسألة قولين:
أحدهما -وهو الجديد-[لا يجهر به أصلاً.
والثاني -وهو القديم]-: أنه يجهر [به] في الجهرية.
وبذلك يحصل في المسألة ثلاثة أقوال: يجهر، يسر، يتخير بينهما.
والذي اختاره في "الإفصاح": الإسرار، كما في دعاء الاستفتاح، [وهو المذكور في "الحاوي"،و"المرشد".

الصفحة 154