كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

والفرق بينه وبين وجوب النية في السلام: أن السلام بصورته مناقض للصلاة، فيفتقر إلى صارف يصرفه إلى مقصود الصلاة والتحلل؛ فاعتبرت النية صارفاً، وهذا لا يتحقق في الاستبدال.
وإذا قلنا بأنه يكفيه الإيماء كان حكم الماشي في حكم الاستقبال، حكم راكب بيده الزمام كما تقدم.
المسألة الثانية: الراكب على دابة يمكنه توجيهها إلى القبلة يلزمه الاستقبال في الإحرام والركوع والسجود فقط؛ لما ذكرناه في الماشي؛ وهذا ما صدر به الروياني كلامه في "التلخيص"، وحكاه القاضي أبو الطيب وجهاً في المسألة، وعليه ينطبق قول البندنيجي: إنه إذا كان على دابة سهلة تطيعه، كان استقباله كالماشي.
قال أبو الطيب: والصحيح: أنه لا يلزمه الاستقبال إذا كانت جهة سيره إلى غيره القبلة؛ لأن في تحويل الدابة عن جهة سيره مشقة.
وفي "الشامل": أن هذا الراكب هل يلحق بالماشي حتى يستقبل القبلة حال الإحرام، أو لا يلزمه [شيء من] ذلك؟ فيه وجهان. وهذا يفهم أن الخلاف في وجوب الاستقبال حال الإحرام فقطن وبه صرح الماوردي، ونسب القول بعدم الوجوب إلى البصريين، وصححه، وقال في "المهذب": إنه المذهب. ونسب مقابله إلى البغداديين، وعليه نص في "الأم"، وصححه الروياني؛ لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر وأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة، وكبر، ثم صلى حيث كان وجهه ركابه، رواه أحمد في مسنده وأبو داود.
وقال ابن الصباغ: والقياس على هذا: أنه مهما دام واقفاً فلا يصلي إلا [إلى القبلة]، فإذا أراد السير انحرف إلى طريقه؛ وهذه الطريقة مذكورة في "التتمة" مع أخرى قاطعة بالوجوب؛ لأنه قال: لا خلاف [في] أنه ليس عليه أن يصرف وجه الدابة إلى القبلة في شيء من أركان صلاته غير التكبير، [فأما حالة التكبير] هل

الصفحة 16