كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

تبطل إن لمي تعمد ذلك، بل وقع منه سهواً، والذي ذكره العراقيون: أنها [لا تبطل، طال زمن] استدباره لذلك أو قل، لكنه إن طال سجد للسهو، وإن لم يطل فلا يسجد.
وحكى المراوزة في البطلان ند طول الفصل وجهين، أصحهما البطلان، وهو الذي ذكره الصيدلاني وصاحب "التهذيب"، وقال القاضي الحسين: [إن عليه نص] الشافعي. ووجهه بأن الصلاة لا تحتمل [الفصل] الطويل، وهذا من [كلامهم] يدل على أنه في حال عدم استقبال القبلة ساهياً ليس في الصلاة، ومنهي ظهر أن قول من قال: إن الموالاة في الصالة ركن- ما ستعرفه-غير صحيح.
والخلاف في البطلان في هذه الصورة مشبه عندهم بالكلام الكثير ناسياً، وسيأتي مثلها عن حكاية الماوردي في نظير المسألة.
ولو كان المُحَرِّف له عن القبلة غيره قهراً: فإن طال الزمان، بطلت، وإن قصر، فوجهان، أصحهما: البطلان.
والفرق بني السهو وقهر الغير: أن النسيان مما يكثر ويعم، والإكراه في مثل ذلك يندر؛ ولهذا قلنا: لو أكره على الكلام في صلاته تبطل على الصحيح، بخلاف النسيان.
ثم جهة مسير المتنفل راكباً وماشياً إذا اكتفينا بها عن جهة القبلة مقامة في حقه مقام القبلة في حق غيره مطلقاً- على وجه- حتى لو عدل عنها إلى جهة القبلة عمداً تبطل صلاته، حكاه في "التتمة"، وصورة ذلك ما إذا أدار وجهه إلى دبر الدابة.
وهذا الخلاف أبداه القاضي الحسين في "فتاويه" احتمالين.
والمشهور: [أن] عدوله إلى جهة الكعبة لا يقدح في صلاته؛ لأن ذلك هو الأصل وترك رفقاً به، فإذا عدل إليه لم يضره.
نعم: لو عدل [عن جهة سيره، ولست جهة القبلة، فالأمر كما لو عدل عن القبلة

الصفحة 23