كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

"الحاوي" وقد قال القاضي أبو الطيب في كتاب الحج: إن الحنفية قالوا: إن ذلك مجمع عليه بيننا وبينهم. قال: وهذه المسالة لانعرف عن الشافعي ولا عن أحد من أصحابنا نصًّا فيها؛ فيحتمل ألا نسلمه، وإن سلمناه، فنقول: إنما لم يسقط الفرض عن المصلي بالتوجه إليه؛ لأن قدر الخارج من البيت مختلف فيه؛ لما اختلف فهي قلنا: لا يسقط الفرض عن المصلي إلا بيقين، وهو أن يتوجه إلى البنية.
قلت: وهذا التوجيه فيه نظر؛ لان الكلام فيما اتفقت الروايات على أنه من البيت إذا استقبله لا ما وقع الاختلاف فيه. نعم: العلة الصحيحة ما قالها الماوردي: أن الحجر ليس ثابتاً من البيت قطعاً وإحاطة، وإنما هو بغلبة الظن؛ فلم يجز العدول عن [اليقين] والنص لأجله.
ثم إصابة عين الكعبة تتحقق بمقابلة كل البدن لها، وهل يكفي مقابلتها [ببعض البدن؟ ينظر:] فإن كانت المقابلة ببعض العرض في كل الطول؛ بأن وقف مقابلة بعض الأركان، وبعض بدنه خارجاً عن سمتها-فهل يصح؟
حكى القاضي الحسين فيه قولين كالقولين فيمن لم يقابل الحجر بجميع بدنه في ابتداء الطواف: هل [يعتد به] أم لا؟ والذي ذكره الروياني في "تلخيصه": أنه لا يكفي، وهو ما حكى الإمام عن الصيدلاني القطع بهن والأصح في الرافعي.
[و] إن كنا الاستقبال بكل العرض لكن ببعض الطول، مثل: أن وقف داخل الكعبة [واستقبل ما شخص من العتبة]، والباب مفتوح، ففيه-أيضاً- خلاف بين الأئمة، والذي حكاه بعضهم عن الشيخ أبي حامد: أنه يكفي، سواء كان الشاخص قدر مؤخرة الرحل أو دونه.
وحكى الإمام عن رواية العراقيين وجهاً: أنه لا يكفي ما لم يكن ما يستقبله قدر قامة المصلي.

الصفحة 26