كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

[قال: وهو منقاس حسن.
ورأيت في "زوائد العمراني": أن الطبري قال في "عدته": هل يشترط أن يكون الشاخص بقدر قامة المصلي؟] فيه وجهان ذكرهما أبو حامد:
أحدهما: نعم؛ لأنه إذا لم يكن كذلك لا يكون مستقبلاً بجميع بدنه.
والثاني: لا يشترط، بل إذا كان قدر مؤخرة رحل البعير جاز، ودونه لا يجوز، وهذا هو المشهور، ولم يذكر المسعودي غيره. ومؤخرة الرحل، سنذكر عند الكلام في المرور بين يدي المصلي حدها.
و [القاضي] أبو الطيب رأى [أن] المعتبر قدر ذراع، فلو نقص عنه لم تصح صلاته، ولم يحك سواه؛ لاعتقاده أن مؤخرة الرحل ذراع، والقائلون بهذا الوجه، قال الإمام: كأنهم راعوا في هذا القدر أن يكون [في] سجوده يسامت بمعظم بدنه ذلك الشاخص، لكنه فيه شيء؛ من جهة أنه في حال قيامه خارج بدنه عن مسامته ذلك الشيء، وقد تردد الأصحاب في الخروج ببعض البدن عن المحاذاة، ولكن هؤلاء نزلوا هذا منزلة ما لو استعلى الواقف والكعبة أسفل منه، ومع هذا ففيه نظر، فإن جميع الكعبة إذا تسفل، فهو القبلة بلا مزيد؛ فينزل عليه اسم الاستقبال، وهذا الشاخص في حق الواقف أمامه جزء من الكعبة، وفيه من تبعيض الأمر في المحاذاة ما ذكرناه.
[وجميع] ما ذكرناه في العتبة جار كما قال الأصحاب فيما إذا صلى على ظهر الكعبة وبين يديه سترة متصلة.
وقال الإمام: إننا إذا اعتبرنا قدر قامة المصلي؛ فيجب طرده في اعتبار عرضه أيضاً. قال: فمن قرب منها، لزمه ذلك-أي: إصابة العين- بيقين؛ لقدرته عليه، ولا يسوغ له الاجتهاد، كما لا يسوغ لمن قدر على النص في واقعة أن يجتهد فيها؛ لاحتمال تطرق الخطأ إليه.

الصفحة 27