كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

التفافها في مهابها أكثر من اشتدادها.
ثم لا يتأتى التمييز فيها، والعلامات تختلف باختلاف البلاد؛ فالنجم المسمى بالقطب الشمالي يجعله المصلي بمصر على عاتقه الأيسر، وبالعراق على الكتف الأيمن.
قال بعضهم: فيكون مستقبلاً باب الكعبة إلى المقام، وباليمن قبالة المستقبل مما يلي الجانب الأيسر، وبالشام يكون وراء المصلي، وقيل: ينحرف بدمشق وما قاربها إلى الشرق قليلاً، وكلما قرب من الغرب كان انحرافه أكثر.
قيل: وأعدل القبلة قبلة حران؛ فإن القطب بها يكون خلف ظهر المصلي من غير انحراف، وهو نجم صغير واقع بين الجدي والفرقدين، ومحله النصف من الخط الخارج بالوهم من الجدي إلى [الكوكب المنير] بين الرقدين.
وطريق معرفة القبلة بمصر [أن يستقبله ثم] ينزع رجليه من نعليه ويتركهما بحالهما، ويدير قدميه مستدبراً له، وذلك خط الاستواء.
[قالوا]: والواقف فيه كذلك يكون مستقبلاً للجنوب مستدبراً للشمال، والمغرب على يمينه، والمشرق على يساره-ثم يميل قدمه اليسرى إلى شماله قدر شبر، ثم يلحقها الأخرى فيكون متوجهاً للقبلة، والله أعلم.
قال: فإن لم يعرف الدلائل، [أو كان أعمى، قلد بصيراً يعرف]؛ لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43] وقال-عليه السلام- في قصة المشجوج "هلا سألوا إذا لم يعلموا؛ إنما شفاه العي السؤال".
فلو وجد بصيرين يعرفان، واتفق اجتهادهما فلا كلام، وإن اختلف: فهل يجب عليه تقليد أعلمهما وأعرفهما وأوثقهما عنده، أم يجوز [له تقليد] الآخر؟ فيه وجهان:
الذي حكاه القاضي أبو الطيب عن نصه في "الأم": الأول؛ فإنه قال: [قال] في "الأم": "عليه أن يقلد أوثقهما وأعلمهما عنده"، وغيره نسب ذلك إلى ابن سريج،

الصفحة 42