كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

وحكى الإمام أن من لا يعرف الدلائل إن قلنا: لا يجب عليه تعلم الأدلة، قلد [وصلى]، ولا إعادة [عليه]. وإن قلنا: يجب عليه التعلم، فقد فرط؛ فيلزمه القضاء، ثم يصلي؛ لحق الوقت من غير تقليد أو بتقليد؟ فيه تردد.
وفي "الإبانة": هل يجوز أن يقلد في القبلة؟ إن قلنا: يجب، تعلم [لدلائل القبلة]، فلا يجوز التقليد، وإلا جاز.
قال الإمام: والوجه المذكور في وجوب التعلم خاص بالمسافر، وإذا قلنا به قال الفوراني: فيكفي فيه الرجوع إلى قول واحد، ولا يكون ذلك تقليداً [كما أنه يرجع في خبر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الراوي الواحد، ويجتهد هو فيما يدل عليهن ولا يكون تقليداً].
قال [الماوردي]: ويجوز أن يتعلمها من كافر إذا وقع في قلبه صدقه.
والأمر الثاني: أنه لا فرق في جواز تقليد البصير الذي يعرف بين أن يكون كافراً أو مسلماً، ثقة أو غير ثقة، ذكراً أو أنثى، بالغاً أو صبياً ولا خلاف في أنه يشترط أن يكون مسلماً، ولايشترط أن يكون ذكراً، وهل يشترط فيه الأمانة والبلوغ؟ فيه ما تقدم.
قلت: ويمكن أن يقال: قول الشيخ ثَمَّ: "فأخبره ثقة عن علم، عمل به" يؤخذ منه: أنه لابد في المقلد أن يكون ثقة؛ لأنه إذا اشترط ذلك فيما يخبر عنه يقيناً، ففيما يخبر عنه ظناً أولى، وإذا كان كذلك، استلزم –أيضاً- اشتراط الإسلام والبلوغ؛ لأن الكافر لا يوثق به، وكذا الصبي؛ لأنه لا [يخشى عقاباً] فيما يخبر به كذباً؛ فانتظم كلامه حينئذ على ما قاله الأصحاب.
والغزالي مال إلى أنه لا تشترط فيه العدالة؛ لأنه قال: قلد مكلفاً مسلماً عارفاً بأدلة القبلة، وهو ما ادعى في "التتمة" أنه المذهب.
وقول الغزالي: "قلد مكلفاً مسلماً" يدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة

الصفحة 44