كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 3)

يظهر لهم جهة القبلة-صلى على حسب حاله، أي: على ما حدد حاله في الفقد أو في الجهل-فإن الحسب مأخوذ من "الحساب"، وهو بفتح السين، ووجهه: قوله -عليه السلام-: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".
قال: وأعاد، أي: إذا وجد من يقلده، سواء صادف جهة القبلة أو خالفها؛ لأن الشرط في حقه التقليد؛ فإنه المحصل لغلبة الظن بجهة القبلة، وقد فقد؛ فكان كمن لم يجد ماء ولا تراباً، يصلي لحرمة الوقت، ويعيد إذا قدر على أحدهما؛ لفقد الشرط في الأولى.
قال الجيلي: ويجري الخلاف المذكور ثَمَّ هاهنا.
والصحيح في الموضعين ما ذكره الشيخ.
وقد أفهم كلام الشيخ في هذه الحالة: "وأعاد": أن في الحالة الأولى وهي إذا وجد من يقلده، لا يعيد، وهو في الأعمى كذلك، وأما في البصير الذي لا يعرف الدلائل، ففيه ما أسلفناه من التفصيل والخلاف، والبصير العارف بدلائل القبلة إذا اجتهدن ولم يظهر له جهة القبلة، أو كان محبوساً في مطمورة ولم يجد من يقلده- يصلي على حسب حاله أيضاً، ويعيدن فإن وجد من يقلده، كما إذا كان الاشتباه على شخصين، فأدى اجتهاد أحدهما إلى جهة القبلة، ولم يظهر للآخر جهتها- ففيه ما ذكرناه من الطرق الثلاثة، والمذكور منها، في "التهذيب" طريقة أبي إسحاق، وهو المذهب في "تعليق البندنيجي".
وقال في "الوسيط": الأصح: أنه يقلد ويعيد؛ لأن هذا عذر نادر، وما قاله يتركب مما حكيناه عن الماوردي وغيره من قبل.
والطرق الثلاث تجري-كما قال البندنيجي-فيمن ضاق عليه الوقت عن التعليم والاجتهاد.
قال: ومن صلى بالاجتهاد، أعاد الاجتهاد للصلاة [الأخرى]؛ كالحاكم إذا حكم في واقعة باجتهاد، ثم وقعت له-أيضاً- لا يحكم فيها إلا بعد الاجتهاد؛ لاحتمال تغيره؛ وهذا ما نص عليه في "الأم"، ومثله يجري في المقلد إذا وقعت له واقعة واستفتى فيها، ثم وقعت له مرة أخرى لا يجوز أن يعمل فيها بما قاله [له]

الصفحة 46